بعد بسم الله الرحمن الرحيم أحييكم بتحية الإسلام أجمل و أعطر تحية تقال للكرام ، و اني أريد أن أستهل الحديث بالتحدث عنكم فإنني لا أطمح بأن أوفي الحديث بعض حقه و لا أزعم أني أقدركم بكل عظمتكم فمهما تتبرأ القرائح و الأقلام و الإلهام متحدثة عنكم عازفة أناشيد عظمتكم فستظل و كأنها لم تبرح مكانها و لم تحرك بالقول لسانها .
أيها الشباب ، إن ما تفعلونه اليوم من هجرة و ترك الوطن و تسمونه استرزاقا ، أبدا إنما هو ضرب الكرامة بعرض الحائط و تتحججون بالفقر ناسين أن الفقير ليس من ملك القليل و إنما الفقير من طلب الكثير ومن قنع من الدنيا باليسير هان عليه كل كثير ، و إذا بدا كل شيء يعاندكم و يعمل ضدكم فتذكروا أن الطائرة تقلع عكس اتجاه الرياح ، لذا حاولوا أن تخدموا وطنكم حتى و لو بجهد يسير لان كل الظلام الذي في الدنيا لا يستطيع أن يخفي ضوء شمعة مضيئة و ما يبدو لا فائدة منه يسند غيره و قويه ، يجب الا تتراجعوا عند أول عقبة لان هنالك من واجهوا الخيال و لامسوا حدود المحال بالعلم بالجد بالعمل لا بالتحجج بالفشل لان الفشل هو البهار الذي يعطي للنجاح حلاوته و من دونه لا تكتمل الطبخة ، و إن فشلت أيها الشاب أو أخطأت فهذا ليس نهاية العالم و لا أحد منا معصوم من الخطأ و هذه هي القاعدة فالذي يخطئ هو إنسان و من يستمر في الخطأ فهو شيطان . وأخيرا ان طبع الزمان غدر فاحذروا كيده ، و لا تجزعوا لحوادث الدنيا فما لحوادث الدنيا بقاء ، و تستروا بالسخاء فكل عيب يغطيه كما قيل السخاء ، و لا ترجوا السماحة من بخيل فما في النار للظمآن ماء ودعوا الأيام تغدر كل حين فما يغني عن الموت الدواء ، و هذه هي الحياة تأخذ أشياء لتعطيك شيئا حقيرا من أحقر ما يكون ...
معاوض آمال 4م1
7/ أيها الشباب المسلم..
إن الحمد لله نحمده و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم تسليما . أما بعد ،
يا شباب أمتنا الصالحين : أوصيكم بالاتصاف بالخلق الحسن و التمسك به فإن الله عز و جل لما امتدح نبيه في كتابه الكريم قال :
" و إنّك لعلى خُلقٍ عَظيم " و الخلق الحسن هو ان يكون المسلم كثير الحياء ، قليل الأذى ، كثير الصلاح ، صدوق اللسان قليل الكلام ، كثير العمل ، قليل الزلل ، قليل الفضول ، برا وصولا ، وقورا صبورا ، رضيا عليما ، رفيقا عفيفا شفيقا ، لا لعانا و لا سبابا و لا مغتابا و لا عجولا و لا حقودا و لا بخيلا و لا حسودا ، بشاشا هشاشا ، يحب الله و رسوله و الناس جميعا فيحسن إلى جاره و يعيل قريبه ، و يعود مريضه و يشفق على الفقراء و المساكين، و ما جزاء هذه الأعمال إلا الجنة العظيمة و كسب صحبة الناس جميعا في هذه الدنيا ... كما قال أنس بن مالك لما سئل عن الدخول إلى الجنة قال : " تقوى الله و حسن الخلق ".
نسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق و الأقوال و الأفعال و نسأله المعافاة و العافية ، اللهم اشف مرضانا ، اللهم اجعلنا أحب عبادك إليك يا ذا الجلال و الإكرام ، اللهم أصلح شبابنا و أمتنا و احمها من كل شر ، اللهم اغفر لنا و لوالدينا و ارحمنا و ارحم والدينا و ارحم من علمنا برحمتك أنت يا أرحم الراحمين ، اللهم اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان .
آمين آمين و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .