في بلاد بعيدة عن عيوننا و عن زماننا حيث نجد القصور الفاخرة و ملوكا تركب فيلة، في تلك البلاد الجميلة المبهرة كان هناك ملك يرتدي أبهي الملابس المزينة بمختلف أنواع الجواهر الثمينة، إلا أنه للأسف غير نظيف فقد كان هذا الملك لا يستحم أبدا، فالماء و الصابون بالنسبة له لتنظيف الملابس و أشياء أخرى كثيرة، لكنه لا يعرف نظافة الجسد، و لذلك نجد أن رائحته كريهة رغم نظافة ملابسه و عطره. و قد اضطرت حاشيته إلى حبس أنفاسهم عند الاقتراب منه و يسارعون إلى سد أنوفهم عندما يستدير. لكن من لديه الشجاعة الكافية ليبوح له بذلك، إنه الملك؟؟!! ذات يوم وصل الملك إلى إحدى القرى الصغيرة التي كان يقوم بزيارتها لأول مرة فالتفت حوله سكانها سعداء بقدومه و اقتربت منه فتاة صغيرة، لتضع حول عنقه إكليلا من الزهور تحية إليه، و ما إن وضعت الإكليل حتى هبت مسرعة مبتعدة عنه ووجهها يعلوه الاستياء و هي تسد أنفها و قالت: «يا إلهي إن رائحتك كريهة» فوصل كلامها إلى مسامع كل الموجودين، فارتمت عليها الأم تشدها من أذنها في خجل قائلة:«يا لك من فتاة غبية إنه ملكنا و ملكنا ليست له رائحة كريهة» و لكن الفتاة أصرت على كلامها ثم التفت الملك يسأل كل من يقع عليه بصره بالاستحمام أم لا، فأجابه الجميع بنعم إننا نستحم و عندما اكتشف أنه الوحيد الذي لا يستحم تعكر مزاجه و قرر الاستحمام في نهر القرية فأسرع الخدم و الحراس في إعداد الحمام اللائق بجلالته من صابون و منشفة، و ظل الملك يدندن بالأغاني سعيدا بالفقاعات تطفو فوق جسده و عندما انتهى من ذلك أصر على تكرار هذه المحاولة، و ما هي إلا لحظات حتى تلطخت رجلاه بالتراب و الرمل و في هذه اللحظة هرعت الفتاة تحمل بيدها سجادة بجلد الماعز و قامت بفرشها على الرمال حتى يسير عليها فأعجبته الفكرة و في يوم الموالي قرر الملك أن يفرش جميع الطرقات بسجادة ليسير عليها و مر عام على هذه الحال ثم عاد الملك إلى القرية قصد الاستحمام في النهر لكن لم يستقبله أحد و فجأة ظهرت له الفتاة فسألها عن أهالي القرية فأجابته: إنهم لا يجدون شيئا يأكلونه فقد أمرت بتغطية المملكة بالسجاد فلم يعد هناك زرع ليزرع و لا نبات بنمو فطأطأ الملك رأسه في أسى ناظرا إلى قدميه النظيفتين و قال محدثا نفسه: ماذا أفعل فأنا لا أريد أن تتسخ قدميّ النظيفتين حين أمشي فهل هناك بديل. اختفت الفتاة لبرهة ثم عادت و في يدها مقص كبير و انحنت أمام الملك و أخذت تقص السجاد حول موضع قدم الملك ثم ربطتها حول قدميه بخيوط كي يستطيع المشي بخفة و يظل الحذاء ثابتا في قدميه و عندها قالت لجلالته: ما رأيك يا مولاي؟ الآن حصلت على غطاء لقدميك من الجلد كي تظل سليمتين أينما ذهبت.