في سنة 2001 و في إحدى قرى الصين الفقيرة كانت تعيش بنت في 14 من عمرها، إحدى بنات المستقبل،الطفلة مايان، التي فعل بها البؤس و الشقاء الأفاعيل، فكانت تقطع كيلومترات و هي تصارع قسوة الطبيعة و خصوصا في الشتاء حيث كانت تسلك الدروب الوعرة و البرد ييبس مفاصلها و الجوع ينتزع قواها، و الثلوج تخفي ثوبها الرث كأنها تريد أن تكفنها قبل أن تميزها، فكانت كلما تحاول أن تخطو إلى الأمام تصدها الرياح إلى الوراء و كأنها أبت أن تراها في منازل سعداء، و رغم كل ذلك كانت تصل إلى المدرسة و كلها عزم و ثبات، و كم كانت تمنع نفسها من الخبز أياما لكي تشتري القلم الذي كان بالنسبة لها المعلم و الصديق و كان كونها تدرس يجعلها تنسى جوعها الذي كانت تسده بالأرز و مرات عديدة بالنوم، و في أحد أيام مايو من نفس السنة أعلمتها أمها أنها ستتوقف عن الدراسة لأنه لم يعد لديهم مال أما إخوانها سيواصلان الدراسة، فكانت هذه الظروف صورة رائعة للقسوة إن جاز أن تكون للقسوة صورة رائعة، فدفعت هذه المسكينة ضمن الفقر لوحدها و كأنها جبل من الهموم ينحدر صخره كدمع جاف أو كناي شنقته أيدي الرعاة فابتلع أناشيده و مات، و تحت هذه الظروف لم تجد أمامها خيار سوى أن تخفف عن نفسها بكتابة حياتها التي خطتها بدموع الحزن و الألم، و في أحد الأيام مرّ صحافي فرنسي بالقرية فمنحته الأم مذكرات الابنة، و عندما قرأها أعجب بها فنشرها في جريدة "الحرية" الفرنسية فاستهوت القصة شفقة كل الأوروبيين فقاموا بمساعدتها، فواصلت دراستها رغم أنف الفقر و قامت بإنشاء جمعية تمكن من خلالها جميع أطفال القرية ارتياد المدرسة، ففي مثل هدوء البحر و قوته و في مثل تهلل ضوء الفجر ووداعته أصبحت هذه البائسة من كبار الكتاب، و هكذا سمعت صرخة قلب مايان رغم كل الأحزان و أصبح النجاح لمشوارها عنوان. و لهذا يجب علينا دائما أن نصنع من عمق الآلام أمالا جديدة و علينا التمسك بالأمل و بالأحلام لأن مفتاح السعادة أن ننجح و مفتاح النجاح أن نجعل الأحلام تتحقق.