هجم الليل مسرعا فقصد كل واحد منا ملجأه و في صبيحة اليوم الموالي غص الحي بالجيران الذين استفاقوا من نومهم على صراخ جارتنا و أبنائها: «النار، النار» فأقبل الجميع مسرعين للنجدة، يحملون الدلاء و المساحي و اندفعوا صوب النار يطفئونها و تضافرت الجهود و تتابعت و سال العرق على الجباه و ابتلت ملابس الجميع و تلطخت الأيدي و الأرجل بالوحل و الرماد و كأنهم شهدوا معركة و لكن النار كانت أقوى من كل ذلك فغدت تلتهم كل ما حولها و أتت على السلع جميعها الموجودة في المحل، و أكلت خشب سقفه فسقط و انهار ثم أخذت ألسنة اللهب تتقلص شيئا فشيئا حتى خمدت تماما. و عندما بدأت تباشير الفجر تغمر الكون و توضح الأشياء، كان صاحب المحل لا يزال قابعا حزينا، ينظر في لوعة و أسى إلى الركام و بقايا الدخان المتصاعد من تحت أنقاض محله المنهار، و يفكر في هذه المصيبة التي حلت به و عن مصدر قوته الذي استحال رمادا فإذا بجارنا يستفيق على الإمام قائلا:«قضاء نزل، و لا رادّ لقضاء الله، المهم أن تسلم أمرك لله. تنهد الرجل و قال:«عجيب أمر هذه الدنيا، أيام أفراح تعقبها أيام أحزان و ساعات هناء و تتلوها ساعات شقاء، اللهم ارزقني الصبر و عوضني في مصيبتي خيرا منها.