أذكر أنني كنت أسير عبر التلال المرتفعة عندما لاحت لي فجأة هذه القرية المنسية التي لم تكن قد وصلت بعد أعتاب القرن العشرين. هذه القرية التي مازال سكانها متشبثين بعاداتهم القديمة و متمسكين بها, الذين حافظوا عليها و على ممتلكاتها التاريخية، هذه القرية الـتي يغطيها العشب الأخضر كبساط جميل و يملأها الهواء الذي إذا استنشقته انساب داخل جسمك كالدواء الشافي، أما الشمس التي عكست أشعتها الساطعة على القرية فزادت المنظر جمالا و روعة، و أنت تائه وسط هذا المنظر المثير تلاحظ الناس كالنحل مقدمين على العمل بكل جد والابتسامة تعلو وجوههم و الأطفال يلعبون فيملأون القرية ضجة، فتسمع ضحكاتهم على بعد أميال ، كنغمة المزمار العذب التي تبحر بك إلى عالم السحر و الخيال،و أنت تتمتع بجمال المنظر تبدو لك هذه القرية كلوحة قد رسمت من ألوان ذهبية، تسافر بك إلى زمن بعيد و تحلق بك وسط غيوم قرية الأحلام. فياليتك تزور هذه القرية لتلقي عليك بسحر جمالها الخلاب و تحرر قلبك من قيود عذاب الحياة الساخرة و تأسرك بجمال ما صنعه التاريخ و حققه أناس لم يعرفوا معنى التكنولوجيا و معنى الابتكار،لاكنهم ابتكروا وحققوا ما لم يحققه الإنسان المعاصر، العالم و المثقف حيث جعلوا من الطبيعة مسكنا لهم و طوروا فيها تاريخهم حتى يحصلوا على قرية أساسها أناسها و عمادها حب أناسها لما مات من أجله أجدادهم و جعلوهم خليفة من بعدهم و يتركونهم برهانا لمن أقبل على زيارة هذه القرية المسحورة
عبيد فريال