قالت الذبابة : أنا أعرف نفسي ، أعرف أنني كالضيف الثقيل : أدخل بيوت الناس مغنية فلا يعجبهم غنائي ، و أحاول أن أشاركهم طعامهم فلا يقبلون ضيافتي ، فأحط على وجوههم لأداعبهم فيطاردونني ، و عندما سألتهم عن السبب ، قال لي أحدهم : أنت تحطين على كثير من القاذورات ، و قال لي ثان : أنت كثيرة الحركة تقلقين الـكبار و الصغار ، و قال لي آخر : أنت تنقلين الجراثيم من المرضى الى الأصحاء ، فتنشرين الداء و البلاء . فكرت في كل هذه التهم ، و قلت في نفسي : إنني أعيش في الأماكن المفضلة لبيضي و صغاري ، و أنا كثيرة الحركة لأنني نشيطة ، لا أضيع عمري القصير في التهاون و الكسل ، أما الجراثيم فأنا لا أتعمد نقلها بل هي التي تعلق بجسمي و عندما أنظفه كما تفعل سائر المخلوقات تسقط الجراثيم منه و تنتشر في المكان التي أحط عـليه . و مع هذا فأنا لا أبرئ نفسي تماما و لكنني أعجب ! لماذا يلومني الإنسان ولا يلوم نفسه ؟ إنه هو السبب في وجودي و تكاثري ، فلو احترم كل الناس قواعد النظافة لما وجدت الأوساخ التي أعيش فيها و منها ، فكيف يوفر لي الإنسان أسباب الحياة ثم يتضايق من وجودي ؟
أرقاز منية إيمان